خطاب افتتاح البرلمان… خطاب ملكي يجمع بين لغة الانتصار والثقة في المستقبل
بقلم رضوان جخا – باحث و محلل سياسي
لقد شكّل الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة افتتاح البرلمان تَتويجاً لِحصيلة ناجحة وناجعة للدبلوماسية الوطنية بقيادة جلالة الملك ،خطاب ملكي كعادته مُفعَم بروح الطموح والوضوح ،وبكاريزما شخصية قائد الدولة الأمة الذي استعرض ثمار الدبلوماسية المغربية بخصوص قضيتنا الأولى الصحراء المغربية، من التأييدات المتتالية للدول الأوروبية بمقترح الحكم الذاتي ،شمل معظم دول الإتحاد الأوروبي وقياداتها على غرار فرنسا، إسبانيا،إيطاليا والمانيا… وصولا للدول الإسكندنافية على غرار فلندا والدنمارك ، دون نسيان الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية ، فالقضايا العادلة كما قال جلالة الملك دائما تنتصر، جلالة الملك في ظل كل هذه الدينامية المثمرة أكدَ على أننا انتقلنا من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، وما يعنيه الإنتقال من مقاربة رد الفعل والانتظار إلى مقاربة اخذ المبادرة الاستباقية المفعمة بالحزم والصرامة ،في ترسيخ لأُسسِ الخطاب الملكي الإستراتيجي بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب المجيدة التي أكد من خلالها جلالة الملك على أنّ قضية الصحراء المغربية هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى صدق الصداقات ونجاعتها، وأنه لا شراكات مع أي دولة لها مواقف ضبابية أو مزدوجة ،لِيأتي خطاب افتتاح البرلمان ليُثمن عبره جلالة الملك كل الدول التي تفاعلت إيجابا مع تلك المحددات الرئيسية ،خصوصا تلك التي فتحت قنصليات بالأقاليم الجنوبية، أو التي لديها استثمارات بأقاليم الصحراء المغربية.
لقد أكد جلالة الملك على أنّه بالرغم من كل ما تحقق فوجب خلال المرحلة المقبلة الحاسمة ما يتطلب من الجميع مؤسسات وطنية، برلمان ،مجتمع مدني وإعلامي، التعبئة واليقظة والاجتهاد كل من موقعه ،كما أكد جلالة الملك على دور التلاقح والتنسيق بينها للترافع المتين والأكثر نجاعة، لشرح مرتكزات وتاريخ ومستجدات قضيتنا الأولى لدى الدول القليلة التي لديها لُبس والتي تسير ضد نطاق الحق والتاريخ،وفي نفس هذا السياق دعا جلالة الملك إلى تنسيق أكثر بين مجلسي البرلمان مع التّركيز على أنّ أهمية الترافع الدبلوماسي للوفود البرلمانية داخل المحافل الدولية والجهوية تقتضي اختيارها بدقة وفق معايير الكفاءة والإختصاص .
ختاما من جهة نظري المتواضعة يعتبر خطاب افتتاح البرلمان لهذه السنة انتقالا للمرحلة الحاسمة لطيّ هذا النزاع الإقليمي المُفتعل ، فقرارات مجلس الأمن الدولي أقبرت الأسطوانات المشروخة للكيان الوهمي ومن وراءه الجارة الشرقية ، كما أكدت أزيد من عشرين قرارا لمجلس الأمن على سموّ مقترح الحكم الذاتي ،وأهمية الموائد المستديرة كآلية سياسية مع إجبارية مشاركة الجارة الشرقية، هذا دون نسيان دبلوماسية القنصليات التي أثمرت زُهاء الثلاثين قنصلية من مختلف قارات العالم.
خطاب ملكي بلغة الثقة و الإنتصار ،خطاب ملكي يجمع بين صرامة وحزم الدبلوماسية المغربية مع انفتاح على الحلّ السياسي الوحيد والأوحد الذي يندرج في إطار السيادة المغربية ووحدته الترابية ، خطاب ملكي يُؤكد عبره جلالة الملك من جديد رؤية ملك حكيم وقائد تنموي يُفكّر دائما في تطوير قارته كأَولوية مع الانفتاح الدائم مع المحيط المغاربي والعربي ،من خلال مبادرات إنسانية واستثمارية ضخمة على غرار ورش أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي المغرب_نيجيريا، والمبادرة الملكية الأطلسية للنهوض بدول الساحل وتلاقح الدول الأفريقية الأطلسية مع القارة الأمريكية، دون نسيان رؤية جلالة الملك لأهمية البعد التنموي في تحقيق السلم والإستقرار قاريا ، كُلّ هذه المؤشرات والدّلالات جعلت المملكة المغربية محط ثقة واحترام وتقدير كبرى دول العالم.