الثقافيةالفنية و الأدبية

المهندس عبد الله أيت شعيب في حوار مطول على ضوء إصداره الجديد “المغرب الى أين؟ صيحة من أجل الوطن”

أصدر المؤلف و المهندس عبد الله أيت شعيب كتابه الجديد المعنون بـ  “المغرب الى أين؟ صيحة من أجل الوطن”، و الذي يعد سابع إصدار له في مجموعة من المجالات ، هذا الكتاب صادف إعداده أزمة كورونا التي أصابت العالم و كانت من بين مواد المؤلف لما لها من وقع و أثر في ميادين عدة كأن أبرزها العنصر البشري….

و لتسليط الضوء على هذا الإصدار، أجرت ورززات أونلاين الحوار التالي :

1.    حدثنا عن الأستاذ عبد الله أيت شعيب، مجالات اهتماماته وأهم إصداراته؟

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

بداية، أود أن أنتهز هذه المناسبة لأشكركم معشر المقيمين على موقع OuarzazateOnline  على المجهودات الجبارة التي تبذلونها من أجل مواكبة مختلف الأحداث في المنطقة ومن أجل تنوير الرأي العام المحلي والوطني، كما أشكركم على الفرصة التي منحتموها لي للتعريف بإصداري الجديد، كتاب “المغرب الى أين؟ صيحة من أجل الوطن”.

في الحقيقة لست من الذين يحبون الحديث عن أنفسهم وعن منجزاتهم… ولكن، إذا رأيتم ذلك ضروريا، فلابأس في ذلك…: فهذا العبد الضعيف الذي أمامكم، عبد الله أيت شعيب، من أبناء مدينة ورزازات، ولدت بها سنة 1963، وترعرعت بباديتها (دوار زاوية سيدي عثمان) وحصلت فيها على شهادة الباكالوريا علوم رياضية سنة 1981، ثم التحقت بعدها بمدينة الرباط من أجل الدراسة الجامعية بالمدرسة المحمدية للمهندسين التابعة لجامعة محمد الخامس، حيث حصلت بها على دبلوم مهندس الدولة، تخصص هندسة مدنية (بنايات – قناطر وطرق)، وشهادة ضابط احتياط، لتلقينا فيها تكوينا مزدوجا علميا وعسكريا خلال مدة خمس سنوات، وذلك في سنة 1986.

أما مساري المهني، فقد كان متنوعا، من القطاع الخاص بمدينة الدار البيضاء، ثم مهندسا بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، فمهندسا ببلدية ورزازات، ثم ملحقا بعمالة إقليم ورزازات الى حدود شتنبر 1997 بعد انتخابي نائبا برلمانيا، ثم بعدها مديرا لشركة الأمان للدراسات الهندسية.

موازاة مع ذلك، لم أكن منعزلا عن المجتمع، بل انخرطت في العديد من الجمعيات المحلية والوطنية، وفي العمل السياسي، كمسؤول حزبي، وكمستشار جماعي، ورئيس مجلس جماعي ونائبا برلمانيا لولايتين.

أما عن مؤلفاتي المتواضعة،  التي أنوي بها المساهمة في تنوير وتأطير الرأي العام الوطني، ودون ان يكون هدفي منها ماديا، فهي كالتالي:

1.    كتاب ” المشاركة السياسية وتحديات الواقع من خلال تجربة نائب برلماني “، إصدار سنة 2002.

2.    كتاب ” المغرب في مواجهة مشاريع التجزئة ونزعات الانفصال “، إصدار سنة 2011.

3.    كتاب ” في حتمية الإصلاح “، إصدار سنة 2013.

4.    كتاب “النمذجة العددية للمباني” la modélisation numérique du bâtiment « BIM »،.. 2014.

5.    كتاب “رياض الذاكرين”.. إصدار سنة 2015.

6.    كتاب ” مغربية الصحراء.. دلائل وحقائق “، إصدار سنة 2016.

7.    كتاب ” المغرب الى أين؟ صيحة من أجل الوطن”، إصدار سنة 2021.

8.    مشروع كتاب جاهز “دليل تدبير مشاريع البناء والتجهيز باللغة الفرنسية” GUIDE DE GESTION DE PROJETS DE “CONSTRUCTIONS ET D’AMENAGEMENT.

9.    ترجمة كتاب ” مغربية الصحراء.. دلائل وحقائق ” للغة الفرنسية “marocanité du Sahara.. faits et arguments”. جاهزة.

10.    ترجمة كتاب ” المغرب في مواجهة مشاريع التجزئة ونزعات الانفصال ” للغة الفرنسية “”le Maroc face aux projets de division et aux tendances séparatistes.  جاهزة.

2.    كيف يوفق ايت شعيب بين الكتابة وعمله كمهندس بحكم ما تتطلبه المهنة من تركيز يشغل النصيب الاكبر من وقته؟

نعم.. مهنتنا تتطلب الكثير من التركيز والتدقيق لأن عملنا يتطلب حل معادلات رياضية صعبة، واستعمال برمجيات معقدة، وإعداد وتقديم عروض أمام لجان الخبراء، فضلا عن تتبع ومراقبة الأشغال، ونتائج ما نقدمه للمجتمع له تأثيره البليغ على حياة المواطن، وخاصة على سلامته، ويتطلب إنجازه أموالا عمومية طائلة وجب ترشيدها، وبالتالي فمسؤولياتنا كبيرة ومركبة: أمنية-مالية-تقنية..

علمتني الرياضيات بأن عدد عناصر مجموعة الأعداد الحقيقية المتواجدة في المجموعة (0,1)، هو نفس عدد عناصر مجموعة الأعداد الحقيقية R برمتها..!!. كما علمتني البرمجة المعلوماتية التي كنا نلجأ إليها لحل مسائل حسابية ومعادلات معقدة في مختلف التخصصات الهندسية على أن التنظيم كفيل بحل أصعب المسائل والمعادلات وبمعالجة مالا نهاية له من المعلومات..!! ماذا يعني إسقاط ذلك على حياتنا العادية واليومية؟ يعني ذلك، كيفما كانت مهامك والتزاماتك كثيرة وكبيرة وثقيلة، فاعلم أنها نسبية، وتعامل معها بهدوء، وحذاري من أن تشغلك وتبعدك عن محيطك بدعوى كثرة المهام، وأن تمنعك من إنجاز أشياء يمكنك القيام بها… يعني ذلك، توفرك على إرادة قوية والحرص على تنظيم حياتك سيسمح لك باستغلال وقتك بشكل جيد وبإنجاز ما يبدو لك مستحيلا في البداية… يعني ذلك أن قدراتنا لا متناهية لو استطعنا ابرازها واستغلالها… فعلى سبيل المثال، مشروع الكتاب الذي أنا الآن بصدد إعداده باللغة الفرنسية GUIDE DE GESTION DE PROJETS DE CONSTRUCTIONS ET D’AMENAGEMENT. ، بدأت في كتابته منذ أكثر من عشر سنوات. والآن أنهيته بحمد الله وتوفيقه، وقام بمراجعته وبالتقديم له البروفيسور إدريس أوهازار، العضو الدائم بأكاديمية المملكة المغربية للعلوم والتقنيات، وأستاذ بالمدرسة المحمدية للمهندسين. وسيكون بفضل الله تعالى ذلك الكتاب مفيدا للمهندسين الشباب وللمكلفين بتدبير مشاريع البناء والتجهيز من مراحل إعداد الدراسات إلى مرحلة إنجاز الأشغال.

كما تجدر الإشارة الى أن عملي كمهندس لا أقوم به وحيدا، بل ورائي ما يقارب عشرون إطارا، نصفهم مهندسون في مختلف التخصصات، أقوم بدور المؤطر والموجه والمنسق والمراقب العام كما أقوم بإعداد وتقديم العروض إن لزم الأمر ذلك.

3.    حدثنا عن السياق العام الذي صدر فيه الكتاب خاصة وعن الفترة الزمنية التي صدر فيها، وعن إختيار العنوان؟

أظن بان ما نعيشه وما نلاحظه من ظواهر مجتمعية ومن سلوكات غير مقبولة تنذر بتدهور القيم لدى البعض من أبنائنا في ظل العولمة والزحف المخيف لوسائل الإعلام الاليكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الوسائل والمؤسسات التقليدية للتكوين وللتأطير والتواصل متجاوزة وعاجزة عن مواكبة التطورات وعن حماية وتحصين أبنائنا، وأخص بالذكر الوضع المتردي والمقلق لمنظومة التربية والتعليم، تدعو لضرورة التعبئة الوطنية الشاملة من أجل التصدي بحزم لكل ذلك وبشكل استباقي…

كما ان التذبذب الذي يعرفه مسارنا الديمقراطي والذي ينذر بعزوف سياسي قاتل لأسباب عديدة اشرت الى بعضها في الكتاب، يدعو للتعجيل بضرورة تصحيح المسار قبل فوات الأوان…

كما حاولت ان اكون منصفا في تشخيص الاوضاع في بلادي بحيث موازاة مع إبراز الخلل حاولت كذلك إبراز المنجزات التي حققتها بلادنا والتي لا يجب تبخيسها بل وجب الاعتزاز بها وابرازها لمواجهة التضليل الاعلامي الخبيث الذي يستهدف بلادنا…

وما يؤلمني اكثر هو عجز أغلبنا كأحزاب سياسية ونخب سياسية وكمسؤولين تربويين وإداريين وغيرهم وكمجتمع ككل عن مواكبة الدعوات الصادقة والنداءات المتكررة على مدى عقدين من الزمن لأعلى سلطة في هذا البلد، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه، وهذا شيء مؤلم وغير مقبول…! وللتأكد من ذلك أدعوكم لمقارنة كثير من جوانب حالنا مع دعوات وطموحات جلالته الواردة في خطاباته السامية، كخطابه الأول في البرلمان سنة 1999، وخطابيه بمناسبة الذكرى السابعة والثامنة لعيد العرش المجيد، وخطاب جلالته الموجه للامة بتطوان في غشت 2007 بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لثورة الملك والشعب، والخطاب الملكي السامي ليوم 9 مارس 2011، وكذلك الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية 2017-2018، وكخطاب جلالته بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى العشرين لتربعه على عرش أسلافه المنعمين، والذي وجهه جلالته، مساء يوم الاثنين 29 يوليوز 2019، إلى الأمة.. وكأن جلالته يقول لكم…اللهم اني قد بلغت… وكأن حالنا يقول “لا حياة لمن تنادي”..!!.

هذا هو السياق العام الذي نشر فيه هذا الكتاب والذي دفعني لنشره… أما الفترة الزمنية، فقد تكونت لدي فكرة الاصدار في عز جائحة كورونا صيف سنة 2020، وكانت النواة الاولى للكتاب المذكرة التي وجهتها للإخوة وزراء واعضاء الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية ولأعضاء مجلسه الوطني يوم 11 ماي 2018،  مساهمة مني في النقاش الذي كان دائرا حول المرحلة التي يمر منها الحزب آنذاك..

أما العنوان، فكان شقه الأول “المغرب إلى أين؟”، هو اول عنوان وضعته في بداية إعداد الكتاب، وكأنني أتأمل الظواهر المقلقة التي يعيشها المجتمع المغربي (سرقة اكباش العيد.. سرقة ضحايا حادثة قطار بولقنادل.. الهلع والرعب الذي يحدثه المنحرفون في مختلف المدن المغربية… أخبار الهجرة السرية وهجرة الأدمغة وربما هجرة أصحاب الأموال… أخبار الفساد، خاصة منه المالي، هنا وهناك… التضييق على المنتخبين في بعض الجهات… التقارير المقلقة للمجلس الأعلى للحسابات… تدهور مستوى التعليم… دعوات الانفصال والعنصرية هنا وهناك… الخ)، كل ذلك يدفعني لأتساءل “المغرب إلى أين؟”.. أما الشق الثاني من العنوان “صيحة من أجل الوطن. “، فهو تعبير مني على خوفي وحرصي عن مستقبل هذا الوطن الحبيب وعلى دعوتي وأملي في أن تلقى صيحاتي التي تضمنها الكتاب آذانا صاغية، خاصة لدى المسؤولين… وكلنا مسؤولون… ولتلك الغاية كان العنوان مستفزا شيئا ما…

4.    أين يتجلى أثر مناصب المسؤولية التي شغلتها من ذي قبل في إخراج هذا الكتاب؟

أكيد أن للمسؤوليات التي سبق لي ان تحملتها، ولمساري السياسي والمهني، وقبل ذلك وذاك لتكويني العلمي وما عشته في طفولتي البدوية أثر كبير على شخصيتي وفي نظرتي للأمور… فقبل حكمي على الأشياء أتوخى عموما الحذر في اتخاذ المواقف وفي استصدار الاحكام.. فعلى سبيل المثال، أعطي  للإكراهات التي تواجه المسؤولين قيمتها، كما أعرف حدود مسؤوليات كل طرف… وبالتالي كان لذلك تأثير في ما ضمنته في الكتاب..

5.    ما هي أهم الخطوط العريضة و الرسائل التي تسعى لإيصالها عبر هذا الإصدار؟

محتويات الكتاب، الذي أدعو الجميع لقراءته، كلها رسائل أتمنى أن تلقى آذانا صاغية من إخواني وأخواتي المغاربة أينما وجدوا وكيفما كانت مواقعهم، وخاصة المسؤولين منهم على تدبير الشأن العام من منتخبين وإداريين وغيرهم… واسمحوا لي ببسط البعض منها فيما يلي:

•    الرسالة الأولى: الحرص على صيانة التماسك الداخلي للمغاربة.

قبل أن نتحدث عن السبل الكفيلة لضمان إصلاح سياسي وإقلاع اقتصادي واجتماعي ببلادنا، لابد وأن أؤكد على أن الركيزة الأساسية لضمان هذه الإصلاحات هو ضمان التماسك الداخلي لجميع مكونات المجتمع. فيجب التنبيه بأن المغرب الذي حباه الله بالاستقرار والتمازج بين مختلف مكوناته وجهاته وكذلك بوحدة الدين والمذهب وبالنظام الملكي الذي ورثناه من أجدادنا، مستهدف من الداخل ومن الخارج لإشعال نار الفتنة بين مختلف مكوناته… وبالتالي وجب علينا مواجهة ذلك الاستهداف بحزم وبشكل استباقي… فالحذر كل الحذر…!

فالتماسك الداخلي بين مختلف مكونات المجتمع المغربي وجهاته، هي الضمانة الأولى والشرط الأساسي لضمان استقرار المغرب وبالتالي لضمان تقدم وازدهار البلاد…

•    الرسالة الثانية: الحرص على الحفاظ على أمن واستقرار البلاد:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “نعمتان مَغبون فيهما كثيرٌ من الناس؛ الصحة والفراغ”؛ رواه البخاري. قياسا على ذلك، أقول: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الشعوب: الأمن والاستقرار”، وبالتالي، وجب علينا-نحن المغاربة-أن نشكر الله تعالى ونحمده على نعمة الأمن والاستقرار… ووجب علينا أن نكون حرصين على الحفاظ على أمن واستقرار بلدنا وعلى أن نكون منصفين في حق وطننا، وألا نحمله أكثر مما يطيق، وأن نساهم، كل من موقعه، في تجاوز ومعالجة الاختلالات التي تعترينا بحكمة وهدوء. فالحذر كل الحذر خاصة من التضليل الإعلامي ومن اليأس وإفقاد الثقة في المؤسسات وفي مقدرات البلاد..

•    الرسالة الثالثة: الحرص على بناء عنصر بشري كفء ومتشبع بروح المواطنة، والمدخل لذلك هو إصلاح التعليم:

نعم، بلدنا والحمد لله وجب عليها ان تفتخر بأمنها واستقرارها وبالمنجزات المادية التي حققتها من قبيل البنى التحتية والترسانة القانونية وغيرها، ولكن أهملنا بناء العنصر البشري على مدى عقود حتى أصبحنا نرى ما نراه من تفشي للفساد ومن ترد للأخلاق والقيم ولروح المواطنة الحقة لدى البعض التي كان من أهم أسبابها تردي منظومة التعليم وعرقلة المسار الديمقراطي…

فإصلاح التعليم يعتبر وجوبا المدخل الأساسي لبناء العنصر البشري المأمول، وهو قطب الرحى لكل إصلاح منشود!!..

التعليم هو ببساطة روح المجتمع التي تنتقل من جيل لآخر… والشيء الوحيد الأكثر كلفة من التعليم هو الجهل…

وللتعبير، تعبيرا جميلا، عن أهمة العلم، فقد حورت أبياتا شعرية للشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي نظمها حول العلم “بفتح العين وفتح اللام”، أي الراية، وقصدت بها العلم “بكسر العين وسكون اللام”، وقلت:

عـش هكـذا في علـو أيـهـا العـلم * فإنـنا بـك بـعـد اللـه نعتـصـم.

إن احـتـقرت، فـإن الشـعب مـحتـقـر * أو احترمت، فإن الشعب محترم!

الشـعـب أنت، وأنت الشعـب منتصبــا! * وأنت جلال الشعب والعظـم!

فإن تعش سالما عاش الشعب سعادته * وإن مـت مــاتت الآمال والهمم.

نعم..!  احتقرنا العلم، فأصبحنا شعوبا ودولا محتقرة!.. ومات فينا العلم، وماتت فينا الآمال والهمم!..

معلم بلا كرامة، جيل بلا انتماء.. ووطن بلا مستقبل..! فإياكم واحتقار المعلم، باني الأجيال ومربي فلذات أكبادكم.

ظنوا أن جهل الشعب أفضل من علمه، فتبين بالفعل أن الفظاعة في الشعب الجاهل…

وحاربوا فيه التدين كسبب لتطرفه، ونسوا أن الدين هو متمم لمكارم الاخلاق…

فماذا عسانا نفعل بشعب مجرد من قيمه، وما العيب في الشعب، ولكن في الذي صد عنه نبيل الأخلاق…

فهذه مأساتنا ومأساة جل الشعوب العربية والإسلامية الآن!.. فمن يزرع الريح يحصد العاصفة.

وأختم بالتذكير بمقولتين من مقولات عظماء الفكر الانساني،  ومن اراد المزيد فعليه الرجوع الى الكتاب:

    “أهم درس تعلمته من تجربتي في الحكم أن مشاكل الدولة لا تنتهي، لكن علاجها جميعا يبدأ من التعليم..! “(محمد مهاتير، قائد وزعيم نهضة ماليزيا ورئيس وزراءها منذ 1981).

    ” بناء الإنسان يأتي قبل بناء كل شيء، وهذا ما يحتاجه شبابنا اليوم.. يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة، فهناك وسائل ثلاث هي: هدم الأسرة -هدم التعليم- إسقاط القدوات والمرجعيات.” (الدكتور المهدي المنجرة رحمه الله ).

•    الرسالة الرابعة: أدعو للاستمرار في إصلاح وتعزيز المسار الديمقراطي.

موازاة مع اصلاح التعليم، أدعو للحرص على إصلاح وتعزيز المسار الديمقراطي واحترام الإرادة الشعبية لاعتبار ذلك ضرورة حتمية للإقلاع. فكفانا من التحكم الجائر… وبهذا الخصوص، أكتفي هنا بالتذكير بما دعا له صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه، قائلا:

” إننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية، ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات، فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل…”.

“ومن جهة أخرى، عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي، لحسابات سياسية أو شخصية، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب، وإنما هو خيانة، لأنه يضر بمصالح المواطنين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة.”

من خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017.

فاعتبروا يا اولوا الألباب… وبكل صدق يحز في نفسي ألا تلقى دعوات ونداءات صاحب الجلالة الملك محمد السادس آذانا صاغية…!!!

•    الرسالة الخامسة: التنبيه بالمخاطر التي يمكن أن تهدد أمن واستقرار المغرب…

المخاطر التي يمكن أن تهدد أمن واستقرار المغرب لا ترتبط وجوبا بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، رغم أهميتها، فالجهل والتضليل أخطر.. وغياب القدوة الحسنة وخيبة الأمل أفظع.. وفقدان الثقة في المؤسسات باب نحو المجهول.. وترك غالبية الشعب، خاصة الشباب، خارج التأطير المؤسساتي خطر على الجميع…  ولمن أراد التفاصيل أدعوه لقراءة الكتاب.

•    الرسالة السادسة: إياكم والانصياع لخطاب التيئيس والتبخيس..!! المغرب حقق منجزات.. ولكن كان بالإمكان أن يكون أفضل..!!

رغم كل النواقص، المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه حقق منجزات كبيرة لا يمكن لأحد نكرانها، بل وجب أن نفتخر بأن المغرب قوي بمؤسساته، قوي بترسانته القانونية والتنظيمية المتطورة، قوي بالنظام الملكي الذي يجعله في منأى عن كثير من الانزلاقات التي وقعت فيها العديد من الدول المجاورة، قوي بأبنائه وبكفاءاته التي وجب تأهيلها واستثمارها، قوي بإرثه التاريخي وبعراقة حضارته وتنوعها، قوي بخيراته الطبيعية التي وجب استغلالها وتثمينها وبموقعه الجيواستراتيجي المهم… فلنحافظ عليه.

•    الرسالة السابعة: كورونا نبهتنا لضرورة إعادة النظر في الأولويات وفي الإعداد الإستباقي لمواجهة الأزمات.

من أهم الدروس والعبر التي لقنت جائحة كوفيد-19 للبشرية جمعاء، قناعتنا، أكثر من أي وقت مضى، بأن مجتمعاتنا وأنسجتنا الاقتصادية، بل ودولنا، غير مهيأة كفاية لتلقي الصدمات ولمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية خاصة منها الناتجة عن الكوارث الطبيعية… لهذه الأسباب، أدعو لخلق هيئات “للمتانة” ” CRÉATION D’ENTITÉS POUR LA RÉSILIENCE” تكون لها القدرة والكفاءة على فهم وحل ألغاز وشفرات وتحليل بشكل علمي واستباقي كل الظواهر الطبيعية التي تهدد، أو من المحتمل أن تهدد، كليا أو جزئيا، بلدنا، وتكون مؤهلة لتوضيح تلك المخاطر للرأي العام ولتحديد مفاتيح وآليات التدخل الناجع والإستباقي لأصحاب القرار، لتساهم بذلك في تعزيز المناعة الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا وجعلها قادرة على مواجهة التحديات والازمات وصدمات المستقبل بطريقة عقلانية واستباقية. كما أدعو، فوق كل ذلك، لإعادة النظر في الأولويات ولتثمين رأس المال البشري من خلال الاستثمار في منظومة التعليم والصحة وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي مع التوزيع العادل للثروات ومحاربة الفساد “الرشوة” والرفع من تنافسية المقاولة المغربية وجعل البحث العلمي ضمن أولوياتنا وقاطرة للتنمية…

•    الرسالة الثامنة: الإصلاح السياسي والإقلاع الاقتصادي والاجتماعي ببلادنا رهين أساسا بمدى رغبة أربعة فاعلين أساسيين في ذلك: الملك – الشعب – الأحزاب – الإدارة.

هل الرغبة الملكية في الإصلاح مؤكدة ؟

” إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه. وأعاهدك الله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك. “. محمد السادس، ملك المغرب.

“ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة.”. محمد السادس، ملك المغرب.

“وكما قلت في خطاب السنة الماضية، فإنه لن يهدأ لي بال، حتى نعالج المعيقات، ونجد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية” . محمد السادس، ملك المغرب…

هذه الكلمات القوية الصادق والنابعة من الأعماق، تكفي جوابا على ذلكم السؤال… وتكفي تحفيزا لنا لنشمر على سواعدنا من أجل هذا الوطن… ومن يريد المزيد من التوضيح أدعوه لقراءة الكتاب.

هل رغبة باقي الفاعلين في الاصلاح مؤكدة؟

من يريد الجواب عن هذا السؤال أدعوه كذلك للرجوع إلى الكتاب، والى خطب جلالة الملك الذي ما فتئ ينبه وينتقد بكل جرأة وصراحة الخلل الذي يراه في سير العديد من المؤسسات وفي سلوك العديد من المسؤولين؛ خاصة في خطاب جلالته بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017، الذي كشف فيه بكل وضوح جلالته جوانب سلبية من واقع المغرب ودعا فيه لضرورة التعجيل بالإصلاح.. قال فيه: “من واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك.”(من خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017.).

•    الرسالة التاسعة: ونحن على مشارف الانتخابات البرلمانية والجماعية أجدد النداء للمشاركة السياسية وأحذر من العزوف السياسي.

لهذه الغاية، أكتفي بالتذكير بالدعوة الملكية السامية للمشاركة السياسية وبتأكيده على أهميتها… فهل من مجيب؟:

“إنكم بالإدلاء بأصواتكم، لا تختارون من يمثلكم للسنوات الخمس المقبلة فقط، وإنما تحددون أيضا مستقبلكم ومستقبل أبنائكم وبلدكم.”

“وإننا لندعو مواطنينا، للانخراط في العمل السياسي النبيل، غايتنا المثلى توسيع المشاركة الشعبية في التنمية.” (من الخطاب الملكي الموجه للأمة بتطوان يوم 20–8–2007 بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لثورة الملك والشعب..)

“على الجميع أن يجعل من انتخاب مجلـس النواب المقبل، موعدا جديدا لترسيخ الممارسة الديمقراطية المألوفة. وتجسيد إرادتك الحقيقية، وإفراز أغلبية حكومية ذات مصداقية ومعارضة فاعلة وبناءة”.(من خطاب جلالة الملك إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثامنة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين يوم 07/07/30.)

•    الرسالة العاشرة: الخطابات الملكية زاخرة بالدرر.. أدعو الجميع للرجوع إليها باستمرار وجعلها مرجعا دائما:

إن الخطابات الملكية السامية التي من المؤكد أنها تعد بعناية فائقة، وتنبع من أعماق قلب جلالته بصدق وتحمل صراحة وجرأة منقطعة النظير، تؤكد أولا أن جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه له رغبة كبيرة في السير قدما إلى الأمام بشعبه، وتحمل أحيانا انتقادات صريحة وجريئة وتشخيصا حقيقيا لأوضاعنا، وتحمل كذلك أفكارا ومقترحات وحلولا عملية… وبالتالي وجب على باقي الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد (الإدارة + الأحزاب + المواطنون…)، خاصة الأحزاب والنخب السياسية والإعلامية والقضائية والإدارية وغيرها، التعامل معها بجدية وقراءتها قراءة متأنية ومتكررة، وجعلها مرجعا دائما وخارطة طريق، نظرا لما تتضمنه من درر غالية، بل أدعو الجميع للعمل بها صادقين، من أجل إصلاح أحوالنا…

6.    ما تقييمكم للوضع السياسي بالمغرب وعلاقة المواطن مع الإدارة والاحزاب والملك؟

والله ماذا عساي أن أقول…؟ ” من واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك.” (من خطاب العرش لسنة 2017). فإسوة بجلالة الملك، وجب علينا الجرأة على قول الحقيقة، ولو كانت قاسية، والتنبيه بشكل استباقي لكل الظواهر السيئة التي تظهر في المجتمع واقتراح التدابير اللازمة لمحاصرتها قبل أن تتفاقم وقبل فوات الأوان، وإلا سنكون مخطئين في حق الوطن، فتلكم رسالة الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه… أعتقد أنه رغم أن الأمور تبدوا هادئة، أظن بأن الوضع السياسي بالمغرب مقلق!!.. وتساءلتم عن علاقة المواطن مع الإدارة والاحزاب والملك… ماذا عساي أن أقول…؟

كان الله في عون جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه الذي عبر غير ما مرة عن حبه وتفانيه ونذره لحياته خدمة للوطن وللمواطنين… فرغم أنه وجه اللوم غير ما مرة للعديد من المسؤولين والمؤسسات، فإن حبه المفرط  لمواطنيه جعله يتفادى لومهم في خطاباته رغم أن كثيرا منا يستحق اللوم… فلنكن في مستوى هذا الحب الملكي… وإلا يوما سنندم على ذلك ولن ينفعنا الندم…

كان الله في عونه وهو بجانب أحزاب سياسية كثير منها فاقد للمصداقية وغير قادر على استقطاب وعلى تأطير المواطنين… وقد قال جلالته عن بعضها: ” إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع.” (من الخطاب السامي ليوم السبت 29 يوليوز 2017، بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين…).

كان الله في عون جلالة الملك ونخبنا السياسية قال جلالته في حق بعضها: “… فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات، لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.”.. وقال عن السياسة وعن بعض السياسيين: “وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ لكل هؤلاء أقول: ” كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون.”. (من خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017،).

كان الله في عون جلالة الملك وهو يحمل هم مواطنيه ويعمل بجانب إدارة قال عنها جلالته : ” إن من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب، هو ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين.”.. وقال عن بعض موظفيها: ” أما الموظفون العموميون، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية، بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون، على قلته، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي.”

كان الله في عون جلالة الملك حفظه الله وهو يعمل بجانب مؤسسات قال عنها جلالته:  ” وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟.

كان الله في عون جلالة الملك وهو يعمل لصالح شعب، أغلب أبنائه خارج التأطير المؤسساتي، ومنهم فاقدون للثقة في بعض المؤسسات، والبعض من أبنائه تطغى عليهم قيم الأنانية، وآخرون انجروا وراء خطابات اليأس والتبخيس، فكانوا عرضة للتضليل الاعلامي… الخ.

فلنتق الله في وطننا.. ولنتق الله في ملكنا، ولنتق الله في مؤسساتنا وفي مسؤولينا وفي أنفسنا… علينا جميعا ان نأخذ بجدية وبحزم دعوات ونداءات وتخوفات جلالته ونكون مجندين بصدق وتفان واخلاص وراءه من أجل هذا الوطن ومواطنيه…

نحن أمام معادلة صعبة تتطلب منا التدخل بسرعة وبدون تردد وفي الوقت المناسب وقبل فوات الاوان ولكن بحكمة…

نحن أمام معادلة صعبة تتطلب منا التدخل بجرأة ولكن بحذر… والله إننا أمام مفارقة صعبة…: مجهودات جبارة تبذل ومنجزات كبيرة واضحة تنجز، ولكن هناك خلل ما لأن كل ذلك لم يلمس المعيش اليومي لفئات عريضة من لمجتمع… بل لم ينل رضى فئات عريضة من أبناء هذا الوطن… لنضع الأمور في الميزان.. وكما سبق لي أن قلت…:

نحن أمام شعب جله خارج التأطير السياسي المؤسساتي… نحن أمام شعب بدأت قيم الأنانية تنتشر في جل فئاته… نحن أمام شعب فاقد للثقة في كثير من المؤسسات الدستورية…

نحن أمام أحزاب سياسية ونخب سياسية قال عن بعضها صاحب الجلالة ما سلف ذكره… نحن أمام مؤسسات التنشئة الاجتماعية والوساطة والتأطير عدد منها فاقد لثقة المواطن…

مقابل ذلك، نحن أما تضليل إعلامي خطير ممنهج ومدروس وفق قواعد علمية لعلم قائم الذات يسمى بـ “علم الجهل” “Agnotolgy”، تقوده بعض وسائل الاعلام الاليكتروني الغير المتحكم فيها داخل وخارج الوطن…

نحن أمام بعض السلوكيات والظواهر التي تغذي التضليل وتساهم في عرقلة المسار الديمقراطي في البلاد…

كل ذلك يفرض علينا القيام بإصلاحات هادفة وحقيقية بشكل استباقي من أجل تحسين الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل الفئات والجهات وتفادي تحوّل الاستياء الشعبي إلى عنف، بدءا بإصلاح التعليم وبتعزيز المسار الديمقراطي وتقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية… كل ذلك من أجل بناء عنصر بشري كفء ومتشبع بروح المواطنة.

جلالة الملك محمد السادس  حفظه الله ورعاه كان واعيا بصعوبة المعادلة، ووضح في كثير من المناسبات بأننا أمام مفارقات وبأننا حققنا منجزات كبيرة، ولكن أخفقنا في جوانب أخرى، قائلا جلالته على سبيل المثال:  “لقد أنجزنا نقلة نوعية، على مستوى البنيات التحتية… كما قطعنا خطوات مشهودة في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة. إلا أننا ندرك بأن البنيات التحتية، والإصلاحات المؤسسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها… ومن منطلق الوضوح والموضوعية، فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية، هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات، لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي. ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى.”

كما أكد جلالته على أن المرحلة الجديدة، التي نحن مقبلون عليها، حافلة بالعديد من التحديات والرهانات الداخلية والخارجية، التي يتعين كسبها؛ وقد وضع في مقدمتها :

•    أولا: رهان توطيد الثقة والمكتسبات : لكونها أساس النجاح، وشرط تحقيق الطموح : ثقة المواطنين فيما بينهم، وفي المؤسسات الوطنية، التي تجمعهم، والإيمان في مستقبل أفضل.

•    ثانيا: رهان عدم الانغلاق على الذات…

•    ثالثا: رهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسسية : لبناء اقتصاد قوي وتنافسي، من خلال مواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وخلق المزيد من فرص الشغل…

•    رابعا: رهان العدالة الاجتماعية والمجالية: لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع… مغرب لا مكان فيه للتفاوتات الصارخة، ولا للتصرفات المحبطة، ولا لمظاهر الريع، وإهدار الوقت والطاقات.

وبالتالي، أظن بأنه حان الوقت لينخرط الجميع، مؤسسات وأفراد، وراء جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي دعا لذلك قائلا: “إن نجاح هذه المرحلة الجديدة يقتضي انخراط جميع المؤسسات والفعاليات الوطنية المعنية، في إعطاء نفس جديد، لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا. كما يتطلب التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، حقيقة ملموسة، وليس مجرد شعارات. وإلى جانب الدور الهام، الذي يجب أن تقوم به مختلف المؤسسات الوطنية، أريد هنا، أن أؤكد على ضرورة انخراط المواطن المغربي، باعتباره من أهم الفاعلين في إنجاح هذه المرحلة. لذا، أدعو جميع المغاربة، للمساهمة الإيجابية فيها، بروح المواطنة الفاعلة؛ لأن النتائج التي نطمح إليها، والمشاريع والمبادرات، التي نقدم عليها، لها هدف واحد هو : تحسين ظروف عيش المواطنين .”

كما ختم جلالته بالتذكير بأن “المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك، وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره. مغرب يتسع لكل أبنائه، ويتمتع فيه الجميع، دون استثناء أو تمييز، بنفس الحقوق، ونفس الواجبات، في ظل الحرية والكرامة الإنسانية. ( مقتطفات من خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى العشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، مساء يوم الاثنين 29 يوليوز 2019).

إنها صيحات ملك… وكأن جلالته يقول لكم “اللهم إني قد بلغت”… فهل من متعظ…؟؟؟  والله ماذا بقي ليقال بعد هذا للمتخلفين عن الركب؟… إن جلالته وضع تشخيصا واضحا لواقعنا ولأوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووضع سيناريوهات وحلولا ووجه دعوات للجميع لكي ينخرط وراءه، فهل من مجيب؟؟؟

وقبل الختام لابد أن أوضح بأنني لا أقصد بما سلف ذكره بأنه لا أحد يعمل ولا يتعظ أحد بتوجيهات جلالة الملك، لا أقصد ذلك، بل هناك رجالا ونساء صادقون منخرطون في ملحمة التنمية يعملون بجد وتفان وراء جلالته في مختلف مؤسسات الدولة، فلهم منا كل التقدير والاحترام، بل أملي أن تكون تعبئة وطنية شاملة ينخرط فيها الجميع من أجل الوقوف في وجه كل ما من شأنه أن يمس أمن واستقرار ووحدة الوطن، ومن أجل الإقلاع الشامل لبلدنا… لأن شعبنا والحمد لله فيه الأخيار والأحرار.. فيه المجاهدين والمناضلين.. فيه المكدين والكادحين.. فيه النوابغ والكفاءات.. فيه طاقات شابة خلاقة ومبدعة.. فيه الصادقين والمخلصين والنزهاء.. شعبنا فيه ويرجى منه الخير الكثير…

علينا كذلك أن نعتز بكون المغرب قطع أشواطا كبيرة في مساره التنموي، فلقد عرف على وجه الخصوص خلال حكم الملك محمّد السادس حفظه الله إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة تتجلى، بإيجاز شديد، في إصلاحات دستورية مهمة تضمنها دستور 2011، وكذلك في إقامة انتخابات أكثر عدلاً ونزاهة من سابقاتها، وفي التخفيف من الرقابة على الإعلام، وفي الإقرار بانتهاكات حقوق الإنسان خاصة التي ارتُكِبَت فترة سنوات الرصاص، وفي وضع وتنفيذ برامج تنمية اقتصادية رائدة مكنت من جلب استثمارات اجنبية مهمة، وفي تحسنُ كبير وغير مسبوق للبنى التحتية من خلال مشاريع ضخمة، كما تم وضع وتنفيذ برامج اجتماعية رائدة وغير مسبوقة لصالح الطلبة والفئات المعوزة… كما تم تعزيزُ سياسة البلاد الخارجية عبر تنويع قاعدة الحلفاء والشركاء وتعزيز دور المغرب في إفريقيا الواعدة، كما رسّخ المغرب موقعه كحليف دولي في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية… وقد توجت مؤخرا مجهودات المغرب بالتطورات الكبيرة التي عرفها ملف الوحدة الترابية بالاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء وبإقدام العديد من الدول بفتح قنصليات بمدننا الصحراوية، تلكم الخطوات التي آمل في ان تتمم قريبا باستصدار قرار أممي يسير في نفس الاتجاه.

علينا إذن أن نعي نحن المغاربة أن بإمكاننا أن نتخطى الصعاب، وأن نربح ما ينتظرنا من رهانات، تحت القيادة السامية لجلالة الملك، وهذا لا يتطلب منا كمجتمع وكفعاليات وكقوى حية ببلادنا (أحزابا سياسية، ومركزيات نقابية، ونخبا اقتصادية، وثقافية، وعلماء، وأجهزة أمنية وقضائية، وإدارات عامة للدولة، وجماعات ترابية، وفعاليات مدنية وتربوية وإعلامية…) سوى أن نتحلى بيقظة دائمة، وأن نطور، كجسد واحد، ذكاء جماعيا، ونبوغا وطنيا كبيرا، ضمانا لوحدة الأمة المغربية، وتقوية أمنها، واستقرارها، ونمائها، وإشعاعها.

وختاما، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلدنا من شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ ويعين قائد البلاد الملك محمد السادس ويمتعه بالصحة والعافية ويسدد خطاه ويرزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير، وأن يصلح ولي عهده المولى الحسن، وأن يرفع عنا هذا الوباء وعن الإنسانية جمعاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

” إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)” صدق الله العظيم. هود.

اللهم إني قد بلغت.

دمتم في حفظ الله ورعايته، وسدد الله خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ما تعليقك على الموضوع ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

Adblock لايمكنك تصفح جميع محتويات الموقع مادمت تستخدم إضافة منع الإعلانات