أخبار محلية

باحثون مغاربة يقاربون نقيشة سيدي جعفر 1 وأبعادها الثقافية والاجتماعية واللسانية

نشر كل من الباحثين الأستاذ عبد المجيد اهرى من جامعة محمد الأول بوجدة، والأستاذ هشام سي محمدي من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، والأستاذ عبد الله الحلوي من جامعة القاضي عياض، نتائج مشروعهم العملي حول نقيشة صخرية حملت اسم “سيدي جعفر 1″، في العدد الأول من المجلد الثالث، ربيع 2025 من مجلة دراسات تامازغا Tamazgha studies journal التي تنشر من الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي اتصال مع الباحث الأستاذ عبر المجيد اهرى حول هذا السبق العلمي، يؤكد أن هذا المجهود العلمي، كان نتيجة بحث ثقافي وأركيولوجي امتد لسنوات عديدة، قبل أن يتم اكتشاف عدد من النقائش الصخرية التي تحمل كتابات (أمازيغية) قديمة، بجماعة توندوت، إقليم ورزازات، وبالضبط قرية سيدي جعفر التي ينتمي إليها. ثم يتم تقاسم هذا الأفق العملي مع ثلة من الباحثين المغاربة من مختلف التخصصات الجيولوجية واللسانية والأركيولوجية والثقافية من مختلف الجامعات المغربية، وذلك من أجل تحديد أبعادها الثقافية والاجتماعية واللسانية.

ويضيف الباحث عبد المجيد اهرى، بأن هذا المجهود العلمي، يحتاج إلى مجهودات أخرى، ووجهات نظر عملية مختلفة حتى نصل إلى نتائج أعمق من التي توصلت إليها مجموعة البحث التي تشكلت من الأستاذ الدكتور عبد الله الحلوي من جامعة القاضي عياض، والأستاذ الدكتور عبد المجيد اهرى من جامعة محمد الأول، والأستاذ الدكتور هشام سي محمدي من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس.

ويثير الباحث عبد المجيد اهرى، بكون اكتشاف هذه النقيشة سيعزز من غنى التراث الفني الصخري المغربي سواء ذلك الذي يحمل رسوما أو كتابات قديمة، بالإضافة إلى أنه سيعزز قائمة الفن الصخري بالجهة، بعد اكتشافات سابقة لنقائش صخرية بإقليم زاكورة بمناطق بتنزولين وفم الغولة وأيت واعزيق وإيمي نودراز واخف نوارون وتازاريين وأسيف ويكان، وإقليم الرشيدية بمناطق واد النبيش وجبل أوفيلال، وبإقليم تنغير بمنطقة أمسمرير.

وتشكل نقيشة “سيدي جعفر 1” حسب المقال المنشور باللغة الإنجليزية بعنوان A Geocontourglyph for Gypsum in sidi jafaar بمجلة دراسات تامازغا Tamazgha studies journal مشروعا علميا يجمع بين البحث اللساني والايپيڭرافي والجيولوجي يهدف إلى دراسة المحتوى الايپيڭرافي واللساني التاريخي لصخرة “سيدي جعفر1” من أجل فهم علاقتها بمحيطها الثقافي والطبيعي، وفهم علاقة ثقافة سكان المنطقة بمحيطهم الطبيعي.

فالمادة المدروسة حسب المقال العلمي هي المادة الايپڭرافية المنحوتة على صخرة عرضها 25 سنتيمتر، وطولها 65 سنتيمتر. يظهر على الصخرة نص قصير (مكون من كلمة واحدة) مكتوب بخط تيفيناغ من نوع W، D، G.” ويبدو من هيئة الصخرة، تحدب طرفها الأيسر في الصورة، وقاعدية طرفها الأيمن في الصورة، أي أنها كانت قائمة على قاعدتها (الطرف الأيمن في الصورة) فأُسقطت بعد ذلك بعامل طبيعي أو بشري على جانبها الأيسر (حسب الصورة).

صورة عرضية للصخرة سيدي جعفر 1 كما هي موضوعة على سطح الأرض

وتكشف وضعية النقيشة (القشرة الخارجية) وشكل الحروف المستعملة (كونها مكتوبة من فوق لتحت، وكونها تستعمل نوعا قديما من خط تيفيناغ يستعمل من مدينة الغات بغرب ليبيا مرورا بإقليم أدرار في الجزائر وأولمدن بالنيجر ومالي ــ يكشف كل ذلك على عراقة النقيشة التي يرجح أن تكون على الأقل 1000 سنة قبل الميلاد.

وبما أن الأصل في صخرة “سيدي جعفر” أنها كانت قائمة على قاعدتها، فهذا يعني أن النقيشة كانت منحوتة من أعلى نحو الأسفل، كما هو الشأن بالنسبة لكثير من نقائش تفيناغ القديمة.

ويثير المقال المعنى المفترض للنقيشة الظاهر بشكل واضح: هو ⴰⴶⴰⵀⵙ من الأعلى إلى الأسفل مؤولة هنا أنها من اليسار إلى اليمين، بمعنى مادة جبسية، وبكون المنطقة غنية بمادة الجبس، فتكون النتيجة الأكثر ترجيحا أن عبارة ⴰⴶⴰⵀⵙ تدل على “مادة جبسية”.

ويثير المقال أيضا جملة من الفرضيات حول السياق الثقافي والاجتماعي للنقيشة، منها كون سكان بعض القرى البعيدة عن موقع “سيدي جعفر 1” يأتون للتزود بالتربة أو الصخور الجبسية التي يستعملونها في أغراض البناء أو غيرها. فوضعوا هذا المعلم الحامل اسم المادة المعنية كما كان متداولا آنذاك حتى يتذكروا المكان المحدد أو يذكروا به غيرهم، والفرضية الثانية هي أن أحد الرحالة أو الرعاة لاحظ وجود “الجبس” في المنطقة، فعلّم وجوده بنقش ما يدل على اسم المادة آنذاك.

أما المعطيات المعاصرة التي تنسجم مع النتائج العلمية حسب المقال، كون قبائل إمغران الواقعة في جماعتي توندوت وإمي نولاون، تعرف بحيوية الساكنة النشيطة وبخاصة الشباب الذين يزاولون العديد من المهن سواء داخل إقليم ورزات أو بخارجه في مجن أخرى أو دول أخرى، وحينما نتابع تفاصيل المهن أو أهمها على الإطلاق نجد تميزهم وفرادتهم في مهنة الجبس التي لهم في باع طويل يمتد لأجيال سابقة، حتى أنها تعد إرثا تتوارثه الأسر وتتقاسمه العشيرة ثم القبيلة حتى يمتد باعها إلى تعليم فئات أخرى من مدن أخرى.

ومن أهم النتائج العلمية والعملية للاكتشاف والدراسة التي خلص إليها المقال هي رصد تنويعة منسجمة لخط تيفيناغ كان يمتد المجال الجغرافي لاستعمالها من بلدة الغات الليبية عبر إقليم أدرار الجزائري وأولمدن النيجيري والمالي حتى منطقة ورزازات، مما يؤكد على العمق الافريقي للمغرب. إلى جانب ذلك نقف عند خط الكتابة ومسارها، فإذا كان أصل تيفيناغ من جزر الكاناري (وهذه فرضية رائجة)، فإننا نفهم الآن الخط الذي انتشرت عبره للوصول إلى ليبيا، وإذا كان أصل الخط من ليبيا، فإننا نعرف الخط الذي اتبعه انتشاره من ليبيا (عبر الغات” نحو الجنوب الشرقي للمغرب. بالإضافة إلى كون قرية سيدي جعفر ومنطقة إمغران كانت معروفة بمادة الجبس منذ القدم، وهناك استمرارية لهذا الإرث الثقافي الطبيعي إلى الآن.

اظهر المزيد

ما تعليقك على الموضوع ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

Adblock لايمكنك تصفح جميع محتويات الموقع مادمت تستخدم إضافة منع الإعلانات